الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ٥١٧
تعالى، ولا سبيل إلى الاطلاع على ذلك من الوحي الحق لا غير، فإذا لا يتصور نصح مع الافتراء، وإنما يتم هذا الذي قرره على قاعدة المعتزلة القائلين بأن العقل طريق يوصل إلى معرفة حكم الله تعالى، لأنه إذا أمر بطاعة من الطاعات كالتوحيد مثلا وقال: إن الله حتم عليكم وجوب التوحيد وأنا رسول الله إليكم ولم يكن متعوقا فإنه محق في الأمر بالتوحيد، لأن الفعل دل على وجوبه عندهم وإن كان مفتريا في دعوى كونه رسولا من الله عز وجل.
وهذه قاعدة قد أفسدتها الأدلة القاطعة، فيحتمل في إجراء الآية على مذهب أهل السنة أن يكون إسناد الفعل لهم على معنى التنبيه بالشئ على مقابله بطريق المفهوم، فالمعنى إذا: إن كنت مفتريا فالعقوبة واقعة بي لا تدفعونها عنى، فمفهومه وإن كنت محقا وأنتم مفترون فالعقوبة واقعة بكم لا أقدر على دفعها عنكم، ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى - قل إن افتريته فعلى اجرامي وأنا برئ مما تجرمون - وأمثاله كثيرة، والله أعلم.
قوله تعالى (وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم) قال (أجود ما ذكر فيه حمله على الدراية المفصلة، يريد بذلك أن
(٥١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 506 507 514 515 516 517 518 519 520 521 522 ... » »»