الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ٥١٥
قوله تعالى (ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) قال فيه (استفهام معناه إنكار أن يكون في الضلال كلهم أبلغ ضلالا من عبدة الأصنام الخ) قال أحمد: وفى قوله إلى يوم القيامة نكتة حسنة، وذلك أنه جعل يوم القيامة غاية لعدم الاستجابة، ومن شأن الغاية انتهاء المغيا عندها، ولكن عدم الاستجابة مستمر بعد هذه الغاية لأنهم في القيامة أيضا لا يستجيبون لهم، فالوجه والله أعلم أنها من الغايات المشعرة بأن ما بعدها وإن وافق ما قبلها إلا أنه أزيد منه زيادة بينة تلحقه بالثاني، حتى كأن الحالتين وإن كانتا نوعا واحدا لتفاوت ما بينهما كالشئ وضده، وذلك أن الحالة الأولى التي جعلت غايتها القيامة لا تزيد على عدم الاستجابة، والحالة الثانية التي في القيامة زادت على عدم الاستجابة بالعداوة بالكفر بعبادتهم إياهم، فهو من وادى ما تقدم آنفا في سورة الزخرف في قوله - بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين. ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون.
(٥١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 504 505 506 507 514 515 516 517 518 519 520 ... » »»