الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ٤٤٤
قوله تعالى (أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين) قال فيه: إن قوله في أربعة أيام فذلكة بمدة خلق الله الأرض وما فيها، كأنه قال: وقدر فيها أقواتها في يومين آخرين فلذلك أربعة أيام سواء قال: ومعنى سواء كاملة مستوية بلا زيادة ولا نقصان. ونقل عن الزجاج أن معنى أن الآية في تتمة أربعة أيام يريد بالتتمة اليومين، ثم قال: فإن قلت: بم تعلق قوله للسائلين؟ وأجاب بأنه متعلق بمحذوف كأنه قيل: هذا الحصر لأجل من سأل في كم خلقت الأرض وما فيها، أو بقدر: أي قدر فيها الأقوات لأجل السائلين المحتاجين إليها من المقتاتين، ثم قال: وهذا الوجه الأخير لا يستقيم إلا على تفسير الزجاج انتهى كلامه. قلت: لم يبين امتناعه على التفسير الأول، ونحن نبينه فنقول: مقتضى التفسير الأولى أن قوله في أربعة أيام فذلكة، ومن شأنها الوقوع في طرف الكلام بعد تمامه، فلو جعل قوله للسائلين متعلقا بمقدر لزم وقوع الفذلكة في حشو الكلام ولا كذلك على تفسير الزجاج، فإن الأربعة على قوله من تتمة الأول وهى متعلقة بمقدر على تأويل حذف التتمة تعلق الظرف بالمظروف ليلائم ذلك إتمام الكلام ببيان المقصود من خلق الأقوات بعد بيان من خلقها. وتفسير الزجاج والله أعلم أرجح، فإنه يشتمل على ذكر مدة خلق الأقوات بالتأويل القريب الذي قدره، ومتضمن لما يقوم
(٤٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 438 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 ... » »»