وأجاب بأنه قد خلق جرم الأرض أولا غير مدحوة ثم دحاها بعد خلق السماء كما قال - والأرض بعد ذلك دحاها - فالمعنى ائتيا على ما ينبغي من الشكل ائتي يا أرض مدحوة وقرارا ومهادا وائتي يا سماء سقفا مقببة. ثم قال: فإن قلت: ما معنى طوعا أو كرها؟ وأجاب بأنه تمثيل للزوم تأثير القدرة فيهما كما يقول الجبار لمن تحت يده: افعل هذا شئت أو أبيت. ثم قال فإن قلت: هلا قيل طائعتين على اللفظ وطائعات على المعنى لأنها سماوات وأرضون؟
وأجاب بأنه لما جعلن مخاطبات ومجيبات وموصوفات بالطوع والكره قيل طائعين في موضع طائعات نحو قوله - ساجدين - اه كلامه. قلت: لم يحقق الجواب عن السؤال الآخر، وذلك أن في ضمن الآية سؤالين: أحدهما لم ذكرها وهى مؤنثة وهذا هو السؤال الذي أورده. الثاني أتى بها على جمع العقلاء وهى لا تعقل وهذا لم يذكره، فالجواب الذي ذكره مختص بالسؤال الذي لم يذكره، ولهذا نظره بقوله ساجدين، فإن تلك الآية ليس فيها سوى السؤال عن كونها جمعت جمع العقلاء، فأما السؤال الآخر فلا لأن الكلام راجع إلى الكواكب وهى مذكرة، والشمس وإن كانت مؤنثة إلا أنه غلب في الكلام المذكر على المؤنث على المنهاج المعروف، فأما هذه الأيام فتزيد على تلك بهذا السؤال الآخر، وهو أن جميع ما تقدم ذكره من السماوات والأرض مؤنثة، فيقال أولا لم ذكرها، وثانيا لم أتى جمعها المذكر على نعت جمع العقلاء ليتحقق نسبة السؤال والجواب والطوع اللاتي تختص بالعقلاء لابها، ولم يوجد في جمع المؤنث عدول إلى جمع المذكر لوجود الصيغة المرشدة إلى العقل فيه، فتمت الفائدة بذلك على تأويل السماوات والأرض بالأفلاك مثلا وما في معناه من المذكر، ثم يغلب المذكر على المؤنث ولا يعدل مثل هذا التأويل في الأرضين أيضا.
قوله تعالى (فقضاهن سبع سماوات في يومين) قال فيه: قيل إن الله تعالى خلق السماوات والأرض وما فيها