واحد. وأجاب عنه بأن القدرة في الإنسان صحة البنية والاعتدال والشدة والقوة زيادة في القدرة، فكما صح أن يقال أقدر منهم صح إن يقال أقوى منهم على معنى أنه يقدر لذاته على ما لا يقدرون عليه بازدياد قدرتهم انتهى كلامه. قلت: فسر القدرة على خلاف ما هي في اعتقاد المتكلمين، فإن سلم له من حيث اللغة فقد نكص عنه إلى حمل القدرة في الآية على مقتضاها في فن الكلام، وجعل التفضيل من حيث إن الله تعالى قادر لذاته: أي بلا قدرة، والمخلوق قادر بقدرة على القاعدة الفاسدة للقدرية. ونظير هذا التفسير في الفساد تفسير قول القائل زيد أعلم من عمرو بإثبات صفة العلم للمفضول وسلبها بالكلية عن الأفضل، وهل هذا إلا عته وعمى في اتباع الهوى وعمه. فالحق أن التفضيل إنما جاء من جهة أن القدرة الثابتة للعبد قدرة مقارنة لفعله معلومة قبله وبعده مفقودة غير مؤثرة في العقل الراجح في محلها فضلا عن تجاوزها إلى غيره، وقدرة الله جلت قدرته مؤثرة في المقدورات موجودة أزلا وأبدا عامة التعلق بجميع الكائنات من الممكنات، فهذا هو النور الذي لا يلوح إلا من إثبات عقائد السنة لمن سبقت له من الله المنة.
قوله تعالى (وأما ثمود فهديناهم) قال فيه: فدللناهم على طريق الضلالة والرشد. ثم قال: فإن قلت: أليس معنى هديته حصلت له الهدى والدليل عليه قولك هديته فاهتدى فكيف ساغ استعماله في الدلالة المجردة؟ وأجاب بأنه مكنهم وأزاح عللهم ولم يبق لهم عذرا ولا علة فكأنه حصل البغية فيهم بحصول موجبها. ثم قال: ولو لم يكن في القرآن حجة على القدرية الذين هم مجوس هذه الأمة بشهادة نبيها عليه الصلاة والسلام وكفى به شهيدا إلا هذه