الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ٤٦٣
- بل يداه مبسوطتان - فإن معناه: بل هو جواد من غير تصور يد ولا بسط، لأنها وقعت عبارة عن الجود لا يقصدون بها شيئا آخر حتى إنهم يستعملونها فيمن لا يد له، فكذلك استعمل هذا فيمن له مثل وفيمن لامثل له، ثم قال:
ولك أن تزعم أن كلمة التشبيه كررت للتأكيد كما كررت في قول من قال: * وصاليات ككما يؤثفين * ومن قال * فأصبحت مثل كعصف مأكول * انتهى كلامه. قلت: هذا الوجه الثاني مردود على ما فيه من الإخلال بالمعنى، وذلك أن الذي يليق هنا تأكيد نفى المماثلة، والكاف على هذا الوجه إنما تؤكد المماثلة، وفرق بين تأكيد المماثلة المنفية وبين تأكيد نفى المماثلة، فإن نفى المماثلة المهملة عن التأكيد أبلغ وآكد في المعنى من نفى المماثلة المقترنة بالتأكيد، إذ يلزم من نفى المماثلة الغير مؤكدة نفى كل مماثلة، ولا يلزم من نفى مماثلة محققة متأكدة بالغة نفى مماثلة دونها في التحقيق والتأكيد، وحيث وردت الكاف مؤكدة للمماثلة وردت في الإثبات فأكدته، فليس النظر في الآية بهذين النظرين مستقيما والله أعلم، ومما يرشد إلى صحة ما ذكرته أن للقائل أن يقول: ليس زيد شبيها بعمرو لكن مشبها له، ولو عكس هذا لم يكن صحيحا، وما ذاك إلا أنه يلزم من نفى أدنى المشابهة نفى أعلاها، ولا يلزم من نفى أعلاها نفى أدناها فمتى أكد التشبيه قصر عن المبالغة، والوجه الأول الذي ذكره هو الوجه في الآية عنده، وأتى بمطية الضعف في هذا الوجه الثاني بقوله: ولك أن تزعم فافهم.
(٤٦٣)
مفاتيح البحث: الجود (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 456 459 462 463 465 466 467 470 471 ... » »»