الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ٤٤٥
مقام الفذلكة إذ ذكر جملة العدد الذي هو ظرف لخلقها وخلق أقواتها، وعلى تفسير الزمخشري تكون الفذلكة مذكورة من غير تقدم تصريح بجملة تفاصيلها، فإنه لم يذكر منها سوى يومين خاصة، ومن شأن الفذلكة أن يتقدم النص على جميع أعدادها مفصلة ثم تأتى هي على الجملة كقوله - فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة -.
قوله تعالى (ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) قال فيه:
إما أن يكون هذا من مجاز التمثيل كان عدم امتناعهما على قدرته امتثال المأمور المطيع إذا ورد عليه الأمر المطاع فهذا وجه، وإما أن يكون تخييلا فيبنى الأمر فيه على أن الله تعالى كلم السماوات والأرض فأجابتاه. والغرض منه تصوير أثر القدرة في المقدور من غير أن يحقق شيئا من الخطاب والجواب، ومثله قول القائل: قال الحائط للوتد: لم تشقني؟ فقال الوتد: اسأل من يدقني لم يتركني ورائي الحجر الذي ورائي اه‍ كلامه. قلت: قد تقدم إنكاري عليه إطلاق التخييل على كلام الله تعالى، فإن معنى هذا الإطلاق لو كان صحيحا، والمراد منه التصوير لوحب اجتناب التعبير عنه بهذه العبارة لما فيها من إبهام وسوء أدب، والله أعلم.
قوله تعالى أيضا (ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أوكرها قالتا أتينا طائعين) الآية قال: فإن قلت: لم ذكر الأرض مع السماء وانتظمهما في الأمر بالإتيان معها والأرض مخلوقة قبل السماء بيومين؟
(٤٤٥)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»