وهذا أيضا من عيون إعرابه ونكت إغرابه التي طالما ذهل عنها غيره، وهو من جنس تدقيقه في منع عود الضمير من قوله - فتنفخ فيها - إلى الهيئة من قوله - كهيئة الطير - مع أنه السابق إلى الذهن، وإنما حمله على القول بأن العدل ههنا مصدر أن الفعل تعدى إليه بغير واسطة، ولو كان المراد المفدى به لكان مفعولا به فلم يتعد إليه الفعل إلا بالباء، وكان وجه الكلام: وإن تعدل بكل عدل فلما عدل عنه أعلم أنه مصدر، والله أعلم.
قوله تعالى (قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا وما لا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون) قال (نزلت في أبي بكر رضي الله عنه حين دعاه ابنه عبد الرحمن إلى عبادة الأوثان الخ) قال أحمد: ومن أنكر الجن واستيلاءها على بعض الأناسي بقدرة الله تعالى حتى يحدث من ذلك الخبطة والصرع ونحوهما، فهو ممن استهوته الشياطين في مهامه الضلال الفلسفي حيران له أصحاب من الموحدين يدعونه إلى الهدى الشرعي ائتنا وهو راكب في ضلالة التعاسيف لا يلوي عليهم ولا يلتفت إليهم، فمرة يقول: إن الوارد في الشرع من ذلك تخييل كما تقدم في سورة البقرة، ومرة يعده من زعمات العرب وزخارفها وقد أسلفنا ذلك في البقرة وآل عمران قولا شافيا بليغا فجدد به عهدا، والله الموفق. عاد كلامه، قال (فإن قلت