الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ٣٠
التي تصحب المصدر كما يقول الزجاج تقديره الامر للإسلام، وكذلك يقول في قوله تعالى - يريد الله ليبين لكم - الإرادة للبيان وهي اللام التي تصحب المفعول عند تقدمه في قولك لزيد ضربت فهي على هذا الوجه غير محتاجة للتأويل، وقد قيل إنها بمعنى أن كأنه قيل: وأمرنا أن نسلم، قال هذا القائل: وكي ولام كي في أمرت وأردت خاصة بمعنى أن لا على بابها من التعليل، والغرض من دخولها إفادة الاستقبال على وجه أوثق وأبلغ، إذ لا يتعلق هذان المعنيان: أعني الامر والإرادة إلا بمستقبل، وقد جمع بين الثلاثة اللام وكي وأن في قوله: أردت لكيما أن يطير البيت، وهذا الوجه أيضا سالم المعنى من الخلل الذي يعتقده الزمخشري والمحافظة على العقيدة، وقد وجدنا السبيل إلى ذلك بحمد الله متعينة، والله الموفق. عاد كلامه، قال (فإن قلت: علام عطف قوله وأن أقيموا الخ) قال أحمد: وهذا مصداق للقول بأن لنسلم معناه أن نسلم، وأن اللام فيه رديفة أن لا يراد عطفها عليها فذلك هو الوجه الصحيح إن شاء الله، وفي ورود أقيموا الصلاة محكيا بصيغته وورود نسلم محكيا بمعناه، إذ الأصل المطابق لأقيموا أسلموا مصداق لما قدمته عند قوله تعالى - ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم - وبينت ثم أن ذلك جائز على أن يكون عيسى عليه السلام حكى قول الله تعالى: اعبدوا الله ربكم ورب عيسى بمعناه فقال - اعبدوا الله ربي وربكم - فهذا مثله في حكاية المعنى دون اللفظ، والله أعلم.
قوله تعالى (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين. فلما جن عليه الليل رأى كوكبا) الآية، قال (قوله فلما جن عليه الليل عطف على قال إبراهيم لأبيه الخ) قال أحمد: وفي الاعتراض بهذه الجملة تنويه بما سيأتي من استدلال إبراهيم عليه السلام وأنه تبصير له من الله تعالى وتسديد. عاد كلامه، قال (وكان أبوه آزر وقومه يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب الخ) قال أحمد: والتعريض بضلالهم ثانيا
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 36 ... » »»