قوله تعالى (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى الآية) قال (بأن يأتيهم بآية ملجئة ولكنه لا يفعل لخروجه عن الحكمة فلا تكونن من الجاهلين من الذين يجهلون ذلك ويرومون ما هو خلافه) قال أحمد: وهذه الآية أيضا كافلة بالرد على القدرية في زعمهم أن الله تعالى شاء جمع الناس كلهم على الهدى فلم يكن، ألا ترى أن الجملة مصدرة بلو ومقتضاها امتناع جوابها لامتناع الواقع بعدها، فامتناع اجتماعهم على الهدى إذا إنما كان لامتناع المشيئة، فمن ثم ترى الزمخشري يحمل المشيئة على قهرهم على الهدى بآية ملجئة لا يكون الايمان معها اختيارا حتى يتم له أن هذا الوجه من المشيئة لم يقع، وأن مشيئة اجتماعهم على الهدى على اختيار منهم ثابتة غير ممتنعة ولكن لم يقع متعلقها، وهذه من خباياه ومكامنه فاحذرها والله الموفق.
(١٦)