ويفقهون ههنا مضارع فقه الشئ بكسر القاف: إذا فهمه ولو أدنى فهم، وليس من فقه بضم القاف لأن تلك درجة عالية ومعناه صار فقيها، قاله الهروي في معرض الاستدلال على أن فقه أنزل من علم. وفي حديث سلمان أنه قال:: وقد سألته امرأة جاءته فقهت: أي فهمت كالمتعجب من فهم المرأة عنه، وإذا قيل فلان لا يفقه شيئا كان أذم في العرف من قولك فلان لا يعلم شيئا، وكأن معنى قولك: يفقه شيئا ليست له أهلية الفهم وإن فهم، وأما قولك لا يعلم شيئا فغايته نفي حصول العلم له، وقد يكون له أهلية الفهم والعلم لو يعلم. والذي يدل على أن التارك للفكرة في نفسه أجهل وأسوأ حالا من التارك للفكرة في غير قوله تعالى - وفي الأرض آيات للموقنين. وفي أنفسكم أفلا تبصرون - فخص التبصر في النفس بعد اندراجها فيما في الأرض من الآيات، وأنكر على من لا يتبصر في نفسه إنكارا مستأنفا، وقولنا في أدراج الكلام إنه نفى العلم عن أحد الفريقين ونفى الفقه عن الآخر: يعني بطريق التعريض حيث خص العلم بالآيات المفصلة والتفقه فيها بقوم، فأشعر أن قوما غيرهم لا علم عندهم ولا فقه، والله الموفق. فتأمل هذا الفصل وإن طال بعض الطول فالنظر في الحسن غير مملول.
(٤٠)