قوله تعالى (فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون) قال (تمثيل للإشراك بالله والتشبيه به إلخ) قال أحمد: فعلى تفسيره الأول يكون قوله لله متعلقا بالأمثال كأنه قيل: فلا تمثلوا لله ولا تشبهوه، وعلى الثاني يكون متعلقا بالفعل الذي هو تضربوا كأنه قيل: فلا تمثلوا لله الأمثال، فإن ضرب المثل إنما يستعمل من العالم لغير العالم ليبين له ما خفي عنه، والله تعالى هو العالم وأنتم لا تعلمون، فتمثيل غير العالم للعالم عكس للحقيقة، والله أعلم. عاد كلامه، قال (فإن قلت: لم قال مملوكا لا يقدر على شئ إلخ) قال أحمد: والقول بصحة ملكه هو مذهب الإمام مالك رضي الله عنه، وفي هذه الآية له معتصم لأن الله تعالى مثل بالمملوك لأنه مظنة العجز وعدم الملك والتصرف غالبا، ثم أفصح عن المعنى المقصود وهو أن هذا المملوك ليس بمن اتفق أن ملكه سيده فملك وقدر، بل هو على الأصل المعهود في المماليك عاجز غير قادر، ولو لم يكن ملك العبد متصورا ومعهودا شرعا وعرفا لكان قوله تعالى - لا يقدر على شئ - كالتكرار لما فهم من قوله - عبدا مملوكا - وقول القائل يقول إنه احتراز من المكاتب بعيد من فصاحة القرآن، فإنه لو كان العبد لا يصح منه ملك البتة إلا في حال الكتابة لكانت إرادته حينئذ من إطلاق اللفظ كالإلغاز الذي لا يعهد مثله في بيان القرآن واستيلائه على صنوف البلاغة، ومثل هذا أنكره الإمام أبو المعالي على من حمل قوله عليه الصلاة والسلام " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها " على المكاتبة لبعد القصد إليها على شذوذها،]
(٤٢٠)