للقدري الزاعم أن أكثر العبيد يرزقون أنفسهم لأن الغالب الحرام، وهو مع ذلك مصمم على معتقده الفاسد لا يدعه ولا تكفه القوارع السمعية والعقلية ولا تردعه - فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون -.
قوله تعالى (أولئك لهم عقبى الدار) قال (المراد عاقبة الدنيا ومرجع أهلها الخ) قال أحمد: قد تكرر مجئ العاقبة المطلقة مثل - وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار - من تكون له عاقبة الدار - والعاقبة للمتقين - والمراد في جميع ذلك عقبى الخير والسعادة، والزمخشري يستنبط من تكرار مجئ العاقبة المطلقة، والمراد عاقبة الخير أنها هي التي أرادها الله فهي الأصل، والعاقبة الأخرى لما لم تكن مرادة بل عارضة على خلاف المراد، والأصل لم يكن من حقها أن يعبر عنها إلا بتقييد يفهمها كقوله - وعقبى الكافرين النار - كل ذلك من الزمخشري تهالك على أن ينسب إلى الله إرادة عالم يقع ومشيئة مالم يكن، مصادمة لما أنطق الله به ألسنة حملة الشريعة ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وليس في مجئ ذلك على الإطلاق ما يعين أنه الأصل باعتبار الإرادة، ففعله الأصل باعتبار الأمر، ونحن نقول: إن المؤدى إلى حمد العاقبة مأمور به، والمؤدى إلى سوئها منهى عنه، فمن ثم كانت عاقبة الخير هي الأصل، والله الموفق.