الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ٣٥٥
قوله تعالى (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ) قال (أم مقدرة قبل والهمزة ومعناها ههنا الإنكار الخ) قال أحمد: وفى قوله تعالى - خلقوا كخلقه - في سياق الإنكار تهكم بهم، لأن غير الله لا يخلق خلقا ألبتة، لا بطريق المشابهة والمساواة لله تقدس عن التشبيه، ولا بطريق الانحطاط والقصور، فقد كان يكفي في الإنكار عليهم أن الشركاء التي اتخذوها لاتخلق مطلقا، ولكن جاء في قوله تعالى - كخلقه - تهكم يزيد الإنكار تأكيدا، والزمخشري لا يطيق التنبيه على هذه النكتة مع كونه أفطن من أن تستتر عنه، لأن معتقده أن غير الله يخلق وهم العبيد يخلقون أفعالهم على زعمه، ولكن لا يخلقون كخلق الله، لأن الله تعالى يخلق الجواهر والأعراض والعبيد لا يخلقون سوى أفعالهم لاغير. وفى قوله عز من قائل - الله خالق كل شئ - إلقام لأفواه المشركين الأولين، ثم لأفواه التابعة لهم في هذه الضلالة كالقدرية، فإن الله تعالى بت هذه البتة أن كل شئ يصدق عليه أنه مخلوق جوهرا كان أو عرضا، فعلا لعبيده أو غيره، فالله خالقه فلا يبقى بقية يحتمل معها الاشتراك إلا عند كل أثيم أفاك يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم، فلأمر ما تقاصر لسان الزمخشري عند هذه الآية وقرن شقاشقه، والله الموفق.
(٣٥٥)
مفاتيح البحث: الزمخشري (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 357 358 361 362 364 ... » »»