قوله تعالى (فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربى بكيدهن عليم) قال (إنما تأنى وتثبت في إجابة الملك لتظهر براءة ساحته عما قرف به الخ) قال أحمد: لقد مدحه النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الأناة بقوله (ولو لبثت في السجن بعض ما لبث يوسف لأجبت الداعي) وكان في طي هذه المدحة بالإناءة والتثبت تنزيهه وتبرئته مما لعله يسبق إلى الوهم من أنه هم بزليخا هما يؤاخذ به، لأنه إذا صبر وتثبت فيما له أن لا يصبر فيه وهو الخروج من السجن مع أن الدواعي متوفرة على الخروج منه، فلأن يصبر فيما عليه أن يصبر فيه من الهم أولى وأجدر، والله أعلم. عاد كلامه، قال (وإنما قال فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن) ولم يكشف له عن القصة ولا أوضحها له لأن السؤال مجملا مما يهيج الملك على الكشف والبحث والاستعلام ويحصل البراءة له عليه السلام من ذلك، والله الموفق.
قوله تعالى (قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين) قال (لا مزيد على شهادتهن له بالبراءة واعترافهن على أنفسهن الخ) قال أحمد: الصحيح من مذاهب أهل السنة تنزيه الأنبياء عن الكبائر والصغائر جميعا، وتتبع الآي المشعرة بوقوع الصغائر بالتأويل، وذهب منهم طائفة مع القدرية إلى تجويز الصغائر عليهم بشرط أن لا تكون منفرة، والصحيح عندنا في قصة يوسف عليه السلام أنه مبرأ عن الوقوع فيما يؤاخذ به، وأن الوقف عند قوله همت به ثم يبتدأ وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كما تقول: قتلت زيدا لولا أنني أخاف الله، فلا يكون الهم واقعا لوجود المنافع منه وهو رؤية