قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين) قال (إن قلت: لم سمى قوله شهادة وما هو بلفظ الشهادة الخ) قال أحمد:
مهما قدره من ذلك في اتباعه لها يحتمل مثله في اتباعها له، فإنها إنما تقد من قميصه من قبل بتقدير أن يكون اجتذبها حتى صارا متقابلين فدفعته عن نفسها، وهذا بعينه يحتمل إذا كانت هي التابعة أن تكون اجتذبته حتى صارا متقابلين ثم جذبت قميصه إليها من قبل، بل ههنا أظهر لأن الموجب لقد القميص غالبا الجذب لا الدفع.
عاد كلامه، قال (والثاني أن يسرع خلفها ليلحقها فيتعثر في مقادم قميصه فينقد) قال أحمد: وهذا بعينه محتمل لو كانت هي التابعة وهو فار منها فانقد قميصه في إسراعه للفرار والله إعلم، فليس كلام الزمخشري في هذا الفصل بذاك. والحق والله ولى التوفيق أن الشاهد المذكور إن كان صبيا في المهد كما ورد في بعض الحديث فالآية في مجرد كلامه قبل أوانه، حتى لو قال صدق يوسف وكذبت لكفى برهانا على صدقه عليه السلام، كما كان مجرد إخبار عيسى عليه لسلام في المهد برهانا على صدق مريم، فلا تبقى المناسبة بين الإمارة المنصوبة وما رتب عليها، لأن العمدة في الدلالة نصبها لا مناسبتها، وإن كان الشاهد بعض أهلها كان في الدار فبصر بها من حيث لا تشعر فأغضبه الله ليوسف بالشهادة له وإقامة الحق كما ذكر الزمخشري، فهذا والله أعلم كان من حقه أن يصرح بما رأى فيصدق يوسف ويكذبها، ولكنه أراد أن لا يكون هو الفاضح لها، ووثق بأن انقطاع قميصه إنما كان من دبر، فنصبه أمارة لصدقه وكذبها، ثم ذكر القسم الآخر وهو قده من قبل على علم بأنه لم ينقد من قبل حتى ينفى عن نفسه التهمة في الشهادة وقصد الفصيحة وينصفهما جميعا فيذكر أمارة على صدقها المعلوم نفيه كما ذكر