الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٦٤٧
للناس انتعاشا لهم في أمر دينهم ودنياهم الخ) قال أحمد: وفي هذه الآية ما يبعد تأويلين من التأويلات الثلاثة المذكورة في قوله أول هذه السورة - لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد - فإن حمل القلائد ثم على ظاهرها وتأويل صرف الاحلال إلى مواقعها من المقلد كقوله - ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها - يريد مواقع الزينة والنهي عن إحلال القلائد يشبهه كأنه قال: لا تحلوا قلائدها فضلا عنها متعذر في هذه الآية، لأنها وردت في سياق الامتنان بما جعله الله قياما للناس من هذه الأمور المعدودة، وقد خص الله بالبدن في قوله - والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير - الآية، ولا يليق بسياق الامتنان الخروج من الأعلى إلى الأدنى حتى يقع الامتنان بالمقلد ثم بالقلائد بل ذلك لائق في سياق النهي أن يخرج من النهي عن الاعلى إلى الشديد بالنهي عن الأدنى. وأما التأويل الآخر وهو بقاء القلائد على حقيقتها وصرف الاحلال المنهي عنه إليها حقيقة: أي لا تتعرضوا للقلائد ولا تنتفعوا بها كما قال عليه الصلاة والسلام (ألق قلائدها في دمها وخل بين الناس وبينها) فمتعذر أيضا بما بعد به الذي قبله. وأما التأويل الثالث وهو حملها على ذوات القلائد فلائق بالاثنين، فيتعين المصير إليه، ومن ثم لم يذكر الزمخشري في هذه الآية سواه، ووجه صلاحيته وظهوره فيهما أن الغرض في سياق النهي إفراده بالذكر وتخصيصه بالنهي بعد أن اندرج مع غيره في النهي، فكأنه نهى عنه لخصوصيته مرتين والغرض في سياق الامتنان أيضا ذلك وهو تكرير المنة به مندرجا في العموم ومخصوصا بالذكر، وأيضا فيليق في الامتنان الترقي من الأدنى إلى الاعلى بخلاف النهي، والله أعلم.
قوله تعالى (قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث) الآية. قال (البون بين الخبيث والطيب بعيد عند الله الخ) قال أحمد رحمه الله: وقد ثبت شرعا أن أكثر أهل الجنة من هذه الأمة، وقد اعترف القدرية
(٦٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 641 642 643 644 646 647 648 652 654 656 657 ... » »»