الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٦٥٤
قوله تعالى (إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك) الآية. قال (فإن قلت: كيف قالوا هل يستطيع ربك بعد إيمانهم وإخلاصهم) في قوله (وإذا أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون. قال: قلت ما وصفهم بالايمان والاخلاص وإنما حكى ادعاءهم لهما الخ) قال أحمد: وقيل إن معنى هل يستطيع: هل يفعل، كما تقول للقادر على القيام هل تستطيع أن تقوم مبالغة في التقاضي، ونقل هذا القول عن الحسن، فعلى هذا يكون إيمانهم سالما عن قدح الشك في القدرة، فإن استقام التعبير عن الفعل بالاستطاعة، فذاك والله أعلم من باب التعبير عن المسبب بالسبب، إذ الاستطاعة من جملة أسباب الايجاد، وعلى عكسه التعبير عن إرادة الفعل بالفعل تسمية بالسبب الذي هو الإرادة باسم المسبب الذي هو الفعل في مثل قوله إذا قمتم إلى الصلاة، وقد مضى أول السورة، وفي هذا التأويل الحسنى تعضيد لتأويل أبي حنيفة حيث جعل الطول المانع من نكاح الأمة وجود الحرة في العصمة، وعدمه أن لا يملك عصمة الحرة وإن كان قادرا على ذلك فتباح له حينئذ الأمة وحمل قوله (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات) على معنى: ومن لم يملك منكم وحمل النكاح على الوطء. فجعل استطاعة الملك المنفية هي الملك كما ترى حتى إن القادر غير المالك عادم الطول عنده فينكح الأمة، وقد مضى ذكر مذهبه وكنت أستبعد إنهاضه لان يكون تأويلا يحتمله اللفظ ويساعده الاستعمال حتى وقفت على تفسير الحسن هذا، والله أعلم.
(٦٥٤)
مفاتيح البحث: الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 643 644 646 647 648 652 654 656 657 658 659 » »»