الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٦٥٧
إهدار الأول لم يسند كلامك، فانظر كيف يرد كلامه في المفصل وهو الحق ما ارتكبه من رد البدل في هذه الآية للزوم طرح الأول فتخلوا الصلة من الضمير، ولم يجعل هذا القدر مانعا في المثال المذكور مع أنك لو طرحت الأول لخلا الخبر من الضمير العائد ولم يسند الكلام، فهذه وجوه أربعة منعها في إعراب أن وكلها مسندة حسبما بينا وهذه المساجلة في هذا الاعراب من الغرر والحجول في صناعة الاعراب وعلم البيان وفرسان هذا المضمار قليل.
عاد كلامه: قال (فإن قلت: كيف يصنع؟ قلت: يحمل فعل الخ) قال أحمد: هذا التأويل لتوقع أن المفسرة بعد فعل في معنى القول وليس قولا صريحا، وحمل القول على الامر مما يصحح المذهب الآخر في إجازة وقوعها بعد القول، فإنه لولا ما بين القول والامر من التفاوت المعنوي لما جاز إطلاق أحدهما وإرادة الآخر. والعجب أن الامر قسم من أقسام القول وما بينهما إلا عموم وخصوص، وليس في هذا التأويل الذي سلكتم إلا كلفة لا طائل وراءها، ولو كانت العرب تأبى وقوع المفسرة بعد القول لما أوقعتها بعد فعل ليس بقول، ثم عبرت عن ذلك الفعل بالقول لان ذلك كالعود إلى ما وقع الفرار منه وهم بعداء من ذلك. عاد كلامه: قال (ويجوز أن تكون موصولة الخ) قال أحمد: يريد بجعله عطف بيان أن يسلم من تقدير اطراح الأول في البدل وخلو الصلة حينئذ من العائد، وقد بينا أن ذلك غير لازم في البدل. والعجب أنه أيضا في مفصله لم يفصل بين عطف البيان والبدل إلا في مثل قول المرار * أنا ابن التارك البكري بشر * لأنه لو جعله بدلا للزم تكرير العامل وإضافة اسم الفاعل المعرف بالألف واللام إلى العلم، ولم يفصل بينهما في غير هذا المثال. ومن حيث المعنى أن المعتمد في عطف البيان الأول، وأما الثاني فللتوضيح والمعتمد في البدل الثاني، وأما الأول فبساط لذكره لاعلى أنه مطرح مهدر.
قوله تعالى (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) قال (إن قلت: المغفرة لا تكون للكفار فكيف قال وإن تغفر لهم الخ؟) قال أحمد رحمه الله: تذبذب الزمخشري في هذا الموضع، فلا إلى أهل السنة ولا إلى القدرية. أما أهل السنة فالمغفرة للكافر جائزة عندهم في حكم الله تعالى عقلا، بل عقاب المتقي المخلص كذلك
(٦٥٧)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)، العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 643 644 646 647 648 652 654 656 657 658 659 » »»