الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٦٢١
قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) الآية. قال:
محبة العباد لربهم طاعته وابتغاء مرضاته وأن لا يفعلوا ما يوجب سخطه وعقابه، ومحبة الله لعباده أن يثيبهم أحسن الثواب على طاعتهم ويعظمهم ويثني عليهم ويرضى عنهم، وأما ما يعتقده أجهل الناس وأعداهم للعلم وأهله وأمقتهم للشرع وأسوأهم طريقة وإن كانت طريقتهم عند أمثالهم من الجهلة والسفهاء شيئا، وهم الفرقة المفتعلة المتفعلة من الصوف وما يدينون به من المحبة والعشق والتغني على كراسيهم خربها الله وفي مراقصهم عطلها الله بأبيات الغزل المقولة في المردان الذين يسمونهم شهداء، وصعقاتهم التي أين منها صعقة موسى يوم دلك الطور، فتعالى الله عنه علوا كبيرا. ومن كلماتهم: كما أنه بذاته يحبهم كذلك يحبون ذاته، فإن الهاء راجعة إلى الذات دون النعوت والصفات اه‍ كلامه. قال أحمد: لا شك أن تفسير محبة العبد لله بطاعته له على خلاف الظاهر، وهو من المجاز الذي يسمى فيه المسبب باسم السيب، والمجاز لا يعدل إليه عن الحقيقة إلا بعد تعذرها، فليمتحن حقيقة المحبة لغة بالقواعد لينظر أهي ثابتة للعبد متعلقة بالله تعالى أم لا، إذ المحبة لغة ميل المتصف بها إلى أمر ملذ. واللذات الباعثة على المحبة منقسمة إلى مدرك بالحس كلذة الذوق في المطعوم، ولذة النظر واللمس في الصور المستحسنة، ولذة الشم في الروائح العطرة، ولذة السمع في النغمات الحسنة. والى لذة تدرك بالعقل كلذة الجاه والرياسة والعلوم وما يجري مجراها، فقد ثبت أن في اللذات الباعثة على المحبة ما لا يدركه إلا العقل دون الحس، ثم تتفاوت المحبة
(٦٢١)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 612 613 614 615 616 621 622 623 625 626 627 ... » »»