الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٦٠٣
قوله تعالى (وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين) قال محمود (لم يبعث في أمة ما بعث في بني إسرائيل من الأنبياء الخ) قال أحمد:
والحامل على تفسير الملك بهذه التفاسير أن الله تعالى أنبأ في ظاهر الكلام أنه جعل الجميع ملوكا بقوله - وجعلكم ملوكا - ولم يقل وجعل فيكم ملوكا كما قال - جعل فيكم أنبياء - فلما عمم الملك فيهم ولا شك أن الملك المعهود وهو الاستيلاء العام لم يثبت لكل أحد منهم، فيتعين حمل الملك على ما كان ثابتا لجميعهم أو لأكثرهم من الابعاض المذكورة، هذا هو الباعث على تفسير الملك بذلك والله أعلم. وهذا المعنى وإن لم يثبت لكل واحد منهم إلا أنه كان ثابتا لملوكهم وهم منهم، إذ إسرائيل الأب الأقرب يجمعهم، فلما كانت ملوكهم منهم وهم أقرباؤهم وأشياعهم وملتبسون بهم جاز الامتنان عليهم بهذه الصنيعة والمعنى مفهوم، وهذا بعينه هو التقرير السالف آنفا في قول اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه * وما بالعهد من قدم * فإن قلت: فلم لم يقل إذ جعلكم أنبياء لان الأنبياء منهم كما قلت في الملوك؟ قلت: النبوة مزية غير الملك، وآحاد الناس يشارك الملك في كثير مما به صار الملك ملكا، ولا كذلك النبوة فإن درجتها أرفع من أن يشرك من لم تثبت له مع الثابتة نبوته في مزيتها وخصوصيتها ونعتها، فهذا هو سر تمييز الأنبياء وتعميم الملوك، والله أعلم.
(٦٠٣)
مفاتيح البحث: البعث، الإنبعاث (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 596 597 600 601 602 603 604 607 608 610 611 ... » »»