الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٤٥١
قوله تعالى (وكنتم على شفا حفرة من الناز فأنقذكم منها) قال محمود (الضمير للشفا وهو مذكر وإنما أنثه للإضافة إلخ) قال أحمد: ويجوز عود الضمير إلى الحفرة فلا يحتاج إلى تأويله المذكور كما تقول: أكرمت غلام هند وأحسنت إليها، والمعنى: على عوده إلى الحفرة أتم لأنها التي يمتن بالإنقاذ منها حقيقة. وأما الامتنان بالإنقاذ من الشفا فلما يستلزمه الكون على الشفا غالبا من الهوي إلى الحفرة، فيكون الإنقاذ من الشفا إنقاذا من الحفرة التي يتوقع الهوي فيها، فإضافة المنة إلى الإنقاذ من الحفرة تكون أبلغ وأوقع، مع أن اكتساب التأنيث من المضاف إليه قد عده أبو علي في التعاليق من ضرورة الشعر خلاف رأيه في الإيضاح نقله ابن يسعون، وما حمل الزمخشري على إعادة الضمير إلى الشفا إلا أنه هو الذي كانوا عليه ولم يكونوا في الحفرة حتى يمتن عليهم بالإنقاذ منها، وقد بينا في أدراج هذا الكلام ما يسوغ الامتنان عليهم بالإنقاذ من الحفرة لأنهم كانوا صائرين إليها غالبا لولا الإنقاذ الرباني.
ألا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام " المرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه ". وإلى قوله تعالى - أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم - وانظر كيف جعل تعالى كون البنيان على الشفا سببا مؤديا إلى انهياره في نار جهنم مع تأكيد ذلك بقوله هار والله أعلم.
(٤٥١)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)، الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 445 446 447 448 449 451 452 453 455 456 457 ... » »»