الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٣٥١
قوله تعالى (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) الآية. قال محمود: إنما نفى الاثم في الطرفين جميعا ليدل على التخيير بين الامرين الفاضل والأفضل، كما خير المسافر بين الصوم والفطر وإن كان الصوم أفضل. قال أحمد رحمه الله: قوله إن التخيير يقع بين الفاضل والأفضل غير مستقيم، فإن التخيير يوجب التساوي في غرض المخير وينافى طلب أحد الطرفين والأمر به، وكيف يستقيم اجتماع ما يوجب الطلب والترجيح وما يوجب التساوي والتخيير، وقد وقع لإمام الحرمين قريب من هذا فإنه ميز الوجوب من الندب بأن الندب يشتمل على اقتران الامر بخيرة الترك ولا كذلك الوجوب، ولم يرضه محققو الفن، وإنما أخل الزمخشري في تفسير الآية فلزمه ذلك السؤال الوارد عليه، وبيان عدم التطابق بين تفسيره والآية أن مضمونها نفى الاثم عن الطرفين جميعا، وهذا القدر مشترك بين الندب والكراهة والإباحة، لكن يتميز الندب بترجيح الفعل على الترك، وتتميز الكراهة والإباحة بالتخيير بينهما، فلا تنافى إذا بين الندب إلى التأخير وأنه أفضل، وبين نفى الاثم عن تاركه إلى التعجيل، وحينئذ لا يرد السؤال الذي لزمه فأجاب عنه.
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 354 358 363 364 365 ... » »»