الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٣٠٤
قوله تعالى (حسدا من عند أنفسهم) قال محمود رحمه الله (إن قلت بم تعلق قوله من عند أنفسهم الخ) قال أحمد رحمه الله يبعد الوجه الثاني دخول عند ويقرب الأول قوله تعالى تلك أمانيهم - قال محمود رحمه الله (فإن قلت لم قيل تلك أمانيهم وقولهم لن يدخل الجنة أمنية واحدة الخ) قال أحمد رحمه الله يبعد هذا الجواب قوله تعالى عقيب ذلك - قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين - بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون فإن البرهان المطلوب منهم ههنا إنما هو على صحة دعواهم أن الجنة لا يدخلها غيرهم ويحقق هذا قوله بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه فإنما يعنى الجنة ونعيمها ردا عليهم في نفى غيرهم عن دخولها ففي هذا دليل بين على أن الأماني المشار إليها ليس إلا ما طولبوا بإقامة البرهان على صحته وهو أمنية واحدة والله أعلم والجواب القريب أنهم لشدة تمنيهم لهذه الأمنية ومعاودتهم لها وتأكدها في نفوسهم جمعت ليفيد جمعها أنها متأكدة في قلوبهم بالغة منهم كل مبلغ والجمع يفيد ذلك وإن كان مؤداه واحدا ونظيره قولهم معا جياع فجمعوا الصفة ومؤداها واحد لا لأن موصوفها واحد تأكيدا لثبوتها وتمكينها، وهذا المعنى أحد ما روى في قوله تعالى - إن هؤلاء لشرذمة قليلون فإنه جميع قليلا، وقد كان الأصل إفراده فيقال لشرذمة قليلة
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 295 296 299 302 304 305 313 315 317 318 ... » »»