الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٢٩٥
قوله تعالى (ففريقا كذبتم) الآية. قال محمود رحمه الله (إن قلت هلا قيل وفريقا قتلتم الخ) قال أحمد رحمه الله: والتعبير بالمضارع يفيد ذلك دون الماضي كقوله تعالى - ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء - فعبر بالماضي ثم قال - فتصبح الأرض مخضرة - فعدل عنه إلى المضارع إرادة لتصوير اخضرارها في النفس، وعليه قول ابن معديكرب يصور شجاعته وجرأته:
فإني قد لقيت القرن أسعى * بسهب كالصحيفة صحصحان فآخذه فأضربه فيهوى * صريعا لليدين وللجران قوله تعالى (وقالوا قلوبنا غلف) الآية. قال محمود رحمه الله (ثم رد الله أن تكون قلوبهم محلوقة الخ) قال أحمد رحمه الله: وهذا من نوائب الزمخشري على تنزيل الآيات على عقائدهم الباطلة، وأنى له بذلك في الكتاب العزيز الذي - لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - ألا تراه كيف أخذ من رد الله على هذه الطائفة أن تكون قلوبهم مخلوقة على الكفر أن الكفر والامتناع من قبول الحق هم خلقوه لأنفسهم تمهيدا لقاعدته الفاسدة في خلق الأعمال وسبيل الرد عليه أن الله تعالى إنما كذبهم ورد عليهم في ادعائهم عدم الاستطاعة للإيمان وسلب التمكن، وعللوا ذلك بأن قلوبهم غلف، وصدق الله ورسوله في أنه إنما خلقهم على الفطرة والتمكن من الإيمان والتأني والتيسر له، وإنما هم اختاروا الكفر على الإيمان فوقع اختيارهم الكفر مقارنا لخلق الله تعالى إياه في قلوبهم بعد ما أنشأهم على الفطرة، فقيام حق الله تعالى عليهم بأنه خلقهم متمكنين من الإيمان غير مقسورين على الكفر.
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 290 291 292 293 295 296 299 302 304 305 ... » »»