الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٢٩٩
قوله تعالى (قل من كان عدوا لجبريل) الآية. قال محمود رحمه الله (فإن قلت كان حق الكلام أن يقال على قلبي الخ) قال أحمد رحمه الله الحكاية مرة تكون مع التزام اللفظ ومرة تكون بالمعنى غير متبعة للفظ، فلعل الأمر في هذه الآية توجه على النبي عليه الصلاة والسلام أن يحكى معنى قول الله تعالى له - من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك - بلفظ المتكلم، ونظير هذا قوله تعالى ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم. الذي جعل لكم الأرض مهدا - إلى قوله - والذي نزل من السماء ماء يقدر فأنشرنا به بلدة ميتا - فانظر ما وقع بعد القول المنسوب إليهم مما يفهم أنه قول الله عز وجل لا على سبيل الحكاية عنهم إذ هم لا يقولون فأنشرنا وإنما يقولون فأنشر على لفظ الغيبة ولكن جاء الكلام حكاية على المعنى لأن معنى قولهم فأنشر الله هو معنى قول الله عن ذاته فأنشرنا، ولا يستتب لك أن يجعل هذا من باب الخروج من الغيبة إلى التكلم الذي يسمى التفاتا فإن في هذا مزيدا، ومنه قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام قال علمها عند ربى في كتاب لا يضل ربى ولا ينسى الذي جعل لكم الأرض - إلى قوله - فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى - فأول الكلام يفهم قول موسى وآخره يفهم قول الله تعالى والطريق الجامع في ذلك ما قررته والله أعلم.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 295 296 299 302 304 305 313 315 ... » »»