قال محمود رحمه الله (فيه دليل على أن موسى عليه السلام زادهم القول وعرفهم أن رؤية من لا يجوز عليه الخ) قال أحمد رحمه الله انتهز الزمخشري ما اعتقده فرصة من هذه الآية التي لا مطمع له عند التحقيق في التشبث بها.
فبنى الأمر على أن العقوبة سببها طلب ما لا يجوز على الله تعالى من الرؤية على ظنه وأنى له ذلك وثم سبب ظاهر في العقوبة سوى ما ادعاه هو كل سبب وذلك أن موسى عليه السلام لما علم جواز رؤيته تعالى طلبها في آية الأعراف في دار الدنيا فأخبره الله تعالى أنه لا يراه في الدنيا وصار ذلك عنده وعند بني إسرائيل أصلا مقررا كما أخبر أنه لا يرى في دار الدنيا فقد وعد الوعد الصادق عز وجل برؤيته في الدار الآخرة وتخصيص ذلك بالمؤمنين وبعد استقرار هذا المعتقد طلب بنو إسرائيل الرؤية في الدنيا تعنتا أو شكا في الخبر فأنزل الله تعالى بهم تلك العقوبة وكيف تخيل الزمخشري وشيعته أن موسى عليه السلام طلب من الله ما لا يجوز عليه وهل هو لو كان الأمر على ما تخيله إلا كبنى إسرائيل ومعاذ الله لقد برأه من ذلك وكان عند الله وجيها وأما الأدلة العقلية على جواز رؤيته تعالى عقلا والسمعية على وقوعها في الدار الآخرة فأكثر من أن تحصى وهى مستقصاة في فن الكلام وإنما غرضنا في هذا (الباب مباحثة الزمخشري والرد عليه من حيث يتمسك على ظنه وأخذه قوما منه (1) والله الموفق.