والأثل (١) آية وعبرة لهم ولغيرهم، وقيل: إن الآية أنه لم يكن في بلدهم بعوضة ولا ذباب ولا عقرب ولا حية، وكان الغريب إذا دخل في بلدهم وفي ثيابه قمل ماتت (٢). ولم يرد بستانين فحسب، وإنما أراد جماعتين من البستانين، جماعة عن يمين بلدهم وأخرى عن شمالها، وكل واحدة من الجماعتين في تقاربهما وتضامهما كأنهما جنة واحدة، أو: أراد بستاني كل رجل منهم عن يمين مسكنه وشماله، كما قال: ﴿جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب﴾ (3)، (كلوا من رزق ربكم) إما حكاية لما قال لهم أنبياء الله المبعوثون إليهم، أو: لما قال لهم لسان الحال (بلدة طيبة) أي: هذه البلدة بلدة طيبة مخصبة، نزهة أرضها عذبة ليست بسبخة، (ورب غفور) أي: ربكم الذي رزقكم وطلب شكركم غفور لمن شكره.
(فأعرضوا) عن الحق ولم يشكروا الله عز اسمه (فأرسلنا عليهم سيل العرم) والعرم: اسم الجرذ الذي نقب عليهم السكر، ضربت لهم (4) بلقيس الملكة بسد ما بين الجبلين بالصخر والقار، فحقنت به ماء العيون والأمطار، وتركت فيه خروقا على مقدار ما يحتاجون إليه في سقيهم، فلما طغوا سلط الله على سدهم الخلد (5) فنقبه من أسفله فغرقهم، وقيل: العرم: جمع عرمة وهي الحجارة المركومة (6)،