تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٠٦
سألتكم من أجر فهو لكم إن أجرى إلا على الله وهو على كل شىء شهيد (٤٧) قل إن ربى يقذف بالحق علم الغيوب (٤٨)) (هذا) الأول إشارة إلى رسول الله، والثانية إلى القرآن، والثالثة إلى الحق، والحق أمر النبوة كله ودين الإسلام كما هو، وفي قوله: (وقال الذين كفروا) ولم يقل " قالوا "، وفي قوله: (للحق لما جآءهم) وما في اللامين من الإشارة إلى القائلين والمقول فيه وما في " لما " من المبادهة بالكفر، دليل على أن الكلام صدر عن إنكار عظيم وغضب شديد، كأنه قال: وقال أولئك الكفرة المتمردون بجرأتهم على الله ومكابرتهم لمثل ذلك الحق الواضح قبل أن يختبروه ويتدبروه: (إن هذا إلا سحر مبين) فقضوا بأنه سحر ظاهر.
(وما ءاتينهم) كتبا يدرسونها فيها برهان على صحة الشرك، ولا (أرسلنآ إليهم) نذيرا ينذرهم بالعقاب إن لم يشركوا كما قال: ﴿أم أنزلنا عليهم سلطنا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون﴾ (١) أو أراد: ليس لهم عهد بإنزال الكتاب ولا بعث رسول، فهم أميون أهل جاهلية لا ملة لهم، كما قال: ﴿أم ءاتينهم كتبا من قبله فهم به مستمسكون﴾ (2) ثم توعدهم على تكذيبهم فقال: (وكذب الذين من قبلهم) كما كذبوا، وما بلغ هؤلاء (معشار) ما آتينا أولئك من طول الأعمار وكثرة الأموال وعظم الأجسام، فحين كذبوا (رسلي) جاءهم نكيري، أي:
عقوبتي وتغييري لأحوالهم بالتدمير والاستئصال، ولم يغن عنهم ما استظهروا به من القوة والثروة، فما بال هؤلاء لا يحذرون أن ينزل بهم مثل ما نزل بأولئك من النقمة؟
(قل إنما أعظكم) بخصلة (واحدة)، وفسرها بقوله: (أن تقوموا لله مثنى)

(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»