والمفعول الثاني: إما أن يكون (من دون الله) أو (لا يملكون) أو محذوفا، فلا يصح الأول لأن قولك: " هم من دون الله " لا يلتئم كلاما، ولا الثاني لأنهم ما كانوا يزعمون ذلك، فبقي أن يكون محذوفا تقديره: زعمتموهم آلهة من دون الله، فحذف الموصوف لكونه مفهوما، وأقام صفته مقامه، فمفعولا (زعمتم) محذوفان كما ترى بسببين مختلفين. ثم أخبر عن آلهتهم بأنهم (لا يملكون) زنة ذرة من خير وشر ونفع وضر (في السموات ولا في الأرض) وليس لهم في شيء منهما نصيب ولا (شرك) وليس لله (منهم من ظهير) على خلق شيء منهما.
يقال: الشفاعة لزيد على معنى: أنه الشافع، وعلى معنى أنه المشفوع له، فيحتمل قوله: (ولا تنفع الشفعة عنده إلا) كائنة (لمن أذن له) من الشافعين ومطلقة له، مثل: الملائكة والأنبياء والأولياء، أو: لا تنفع الشفاعة إلا كائنة لمن أذن له أي: لشفيعه، وهذا تكذيب لقولهم: ﴿هؤلاء شفعؤنا عند الله﴾ (1)، واتصل قوله:
(حتى إذا فزع عن قلوبهم) بما فهم من هذا الكلام من أن ثم انتظارا للإذن وفزعا من الراجين للشفاعة، والشفعاء هل يؤذن لهم أو لا يؤذن، وأنه لا يطلق الإذن إلا بعد تربص وتوقف، فكأنه قال: يتربصون مليا فزعين (حتى إذا فزع عن قلوبهم) أي: كشف الفزع عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم بأن يأذن رب العزة في الشفاعة تباشروا بذلك، وسأل بعضهم بعضا: (ماذا قال ربكم؟ قالوا) القول (الحق) وهو الإذن بأن يشفعوا لمن ارتضى. وقرئ: (أذن له) أي: أذن الله له، و " أذن له " (2) على البناء للمفعول، وقرئ: (فزع) على البناء للفاعل (3) وهو الله