وحده (وهو العلى الكبير) ذو العلو والكبرياء، لا يملك أحد أن يتكلم في ذلك اليوم إلا بإذنه.
ثم أمره عز اسمه أن يقررهم بقوله: (من يرزقكم) ثم أمره أن يتولى الإجابة والإقرار عنهم بقوله: يرزقكم (الله) وذلك للإعلام بأنهم مقرون به بقلوبهم إلا أنه ربما لم يتكلموا به عنادا، وأمره أن يقول لهم بعد الإلزام: (وإنآ أو إياكم لعلى هدى أو في ضلل مبين) معناه: أن أحد الفريقين من الموحدين ومن المشركين لعلى أحد الأمرين من الهدى والضلال، وهذا من كلام المنصف الذي كل من سمعه قال للذي خوطب به: قد أنصفك صاحبك، وفي درجه بعد تقديم ما قدم من التقرير البليغ دلالة على من هو على الهدى ومن هو في الضلال المبين من الفريقين، ونحوه قول القائل لغيره: إن أحدنا لكاذب، وإن كان الكاذب معلوما، ومنه قول حسان:
أتهجوه ولست له بكفء * فشركما لخيركما الفداء (1) (عمآ أجرمنا) من المعاصي (ولا نسئل عما) تعملونه، بل كل إنسان يسأل عما يعمله ويجازى على فعله دون فعل غيره.
(قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم (26) قل أروني الذين ألحقتم به ى شركآء كلا بل هو الله العزيز الحكيم (27) ومآ أرسلنك إلا كآفة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون (28) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (29) قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون (30)).