تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٩٢
لينا كالطين والشمع يصرفه بيده كيف شاء من غير نار ولا ضرب بمطرقة.
(أن اعمل سابغات) أي: دروعا واسعة صافية، وهو أول من اتخذها، وكانت قبل صفائح (وقدر في السرد) أي: في نسج الدروع، فلا تجعل مساميرها دقاقا فتغلق، ولا غلاظا فتقصم الحلق (واعملوا) الضمير لداود وأهله (و) سخرنا (لسليمن الريح) وقرئ: " الريح " بالرفع (١)، أي: ولسليمان الريح مسخرة، أو: وله تسخير الريح (غدوها شهر) جريها بالغداة مسيرة شهر، وجريها بالعشي كذلك (وأسلنا له عين القطر) أي: أذبنا له معدن النحاس وأظهرناه له، ينبع كما ينبع الماء من العين، ولذلك سماه: " عين القطر " تسمية بما آل إليه، كما قال: ﴿إني أراني أعصر خمرا﴾ (2)، (و) سخرنا له (من الجن من يعمل) بحضرته ما يأمرهم به من الأعمال (ومن يزغ) أي: ومن يعدل منهم عما أمرناهم به من طاعة سليمان (نذقة من عذاب السعير) في الآخرة، وقيل: في الدنيا، وقد وكل الله به ملكا بيده سوط يضربه ضربة تحرقه (3).
والمحاريب: البيوت الشريفة، وقيل: هي المساجد والقصور يتعبد فيها (4)، (وتمثيل) قيل: كانت غير صور الحيوان، كصور الأشجار وغيرها، لأن التماثيل:
كل ما صور على صورة غيره من حيوان وغير حيوان (5)، وروي ذلك عن الصادق (عليه السلام) (6). وروي أنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه ونسرين فوقه،

(١) قرأه أبو بكر والمفضل. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج ٢ ص ٦٢٢.
(٢) يوسف: ٣٦.
(٣) قاله يحيى بن سلام. راجع تفسير الماوردي: ج ٤ ص ٤٣٨.
(٤) قاله الحارث وقتادة وابن زيد. راجع تفسير الطبري: ج ١٠ ص ٣٥٤.
(٥) وهو قول الزمخشري في الكشاف: ج ٣ ص ٥٧٢.
(٦) أنظر الكافي: ج ٦ ص ٥٢٧ ح 7.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»