تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٩٠
(يرى) في موضع الرفع، أي: ويعلم (الذين أوتوا العلم) وهم أصحاب رسول الله، أو علماء أهل الكتاب الذين أسلموا (الذي أنزل إليك... الحق) وهما مفعولان ل‍ (يرى) وهو فصل. وقيل: (ويرى) في موضع النصب عطفا على (ليجزى) (1)، أي: وليعلم أولو العلم عند مجيء الساعة أنه الحق علما لا يتخالجه ريب، و (الذي أنزل إليك) هو القرآن، (ويهدى) القرآن (إلى صراط العزيز) الذي لا يغالب، (الحميد) على جميع أفعاله وهو الله سبحانه.
والعامل في (إذا) ما دل عليه قوله: (إنكم لفي خلق جديد) وقد مر نظيره، و " الممزق " مصدر أو مكان. وأسقطت الهمزة في قوله: (افترى) دون قوله:
(السحر) وكلتاهما همزة وصل؛ لأن القياس طرحها، ولكن لم تطرح هناك لخوف التباس الاستفهام بالخبر، لكون همزة الوصل مفتوحة، وهي مكسورة هنا فلا التباس، أي: أهو مفتر على الله (كذبا) فيما ينسب إليه (أم به جنة) جنون يوهمه ذلك، ثم قال: ليس محمد من الافتراء والجنون في شيء، بل هؤلاء الكافرون بالبعث واقعون (في) عذاب النار (والضلل) عن الحق وذلك أجن الجنون، ولما كان العذاب من لوازم الضلال جعلا كأنهما مقترنان. ووصف الضلال ب‍ (البعيد) من الإسناد المجازي؛ لأن " البعيد " صفة الضال إذا بعد عن الجادة.
(أفلم يروا) أي: أعموا فلم ينظروا إلى (السمآء والأرض) وأنهما - حيثما كانوا - محيطتان بهم لا يقدرون أن ينفذوا من أقطارهما؟ وقيل: أفلم يتفكروا فيهما ولم يستدلوا بذلك على قدرتنا؟ (2) ثم ذكر سبحانه قدرته على إهلاكهم بأن يخسف (بهم الارض) كما خسف بقارون، أو يسقط (عليهم) قطعة (من

(١) قاله النحاس في إعراب القرآن: ج 3 ص 332.
(2) قاله قتادة. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 434.
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»