تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٨٧٨
بسم الله الرحمن الرحيم (قل أعوذ برب الفلق (١) من شر ما خلق (٢) ومن شر غاسق إذا وقب (٣) ومن شر النفثت في العقد (٤) ومن شر حاسد إذا حسد (٥)) قالوا في المثل: " أبين من فلق الصبح، ومن فرق الصبح " (١). وهو فعل بمعنى:
مفعول. والمعنى: (قل) أعتصم وأمتنع (برب) الصبح ومدبره ومطلعه، وقيل: هو كل ما يفلقه الله كالأرض عن النبات، والجبال عن العيون، والسحاب عن المطر، والأرحام عن الأولاد (٢). وقيل: هو جب في جهنم (٣)، أي: واد فيها، كما قيل للمطمئن من الأرض: فلق.
(من شر ما خلق) أي: من شر الأشياء التي خلقها الله تعالى من المكلفين وأفعالهم، من المعاصي والمضار والظلم والبغي وغير ذلك، وغير المكلفين وما يحصل منهم من الأكل والنهش واللدغ والعض، وما وضعه الله في غير الأحياء من أنواع الضر، كالإحراق بالنار والقتل في السم.
(ومن شر غاسق) وهو الليل إذا اعتكر ظلامه، من قوله: ﴿إلى غسق الليل﴾ (4)، ووقوبه: دخول ظلامه في كل شيء، يقال: وقبت الشمس إذا غابت.
وفي الحديث: لما رأى الشمس قد وقبت قال: " هذا حين حلها " (5) يعني: صلاة المغرب. وخص الليل بذلك لأن انبثاث الشر فيه أكثر، والتحرز منه أصعب.

(١) أنظر مجمع الأمثال للميداني: ج ١ ص ١٢٥.
(٢) قاله الحسن البصري في تفسيره: ج ٢ ص ٤٤٥.
(٣) قاله ابن عباس والسدي وكعب ورواه أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). راجع تفسير الطبري:
ج ١٢ ص ٧٤٦ - ٧٤٧.
(٤) الإسراء: ٧٨.
(٥) أخرجه الهروي في غريب الحديث: ج ٢ ص ١٩٤ مرسلا.
(٨٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 873 874 875 876 877 878 879 881 882 883 884 » »»