تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٨٤٤
بنى أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن كنيسة بصنعاء، وأراد أن يصرف إليها الحاج، فخرج رجل من كنانة فقعد فيها ليلا، فأغضبه ذلك وأزمع أن يهدم الكعبة، فخرج بالحبشة ومعه فيل اسمه محمود، وكان قويا عظيما، وقيل: كان معه اثنا عشر فيلا غيره، فلما بلغ المغمس (1) خرج إليه عبد المطلب وقد أخذ له مائتا بعير، وكان رجلا جسيما وسيما، فقيل له: هذا سيد قريش، فأعظمه ونزل من سريره وجلس على الأرض وأجلسه معه، ثم قال: ما حاجتك؟ قال: حاجتي مائتا بعير أصابتها مقدمتك، فقال له: لقد سقطت من عيني، جئت لأهدم البيت الذي هو عزكم وشرفكم ودينكم، فألهاك عنه ذود أخذ لك؟! فقال: أنا رب الإبل، وللبيت رب سيمنعه، فراع ذلك أبرهة وأمر برد إبله عليه، ورجع وأتى إلى باب البيت فأخذ بحلقته وهو يقول:
لا هم إن المرء يم‍... نع أهله * فامنع حلالك لا يغلبن صليبهم * ومحالهم عدوا محالك إن كنت تاركهم وكعبتنا * فأمر ما بدا لك [وقال أيضا:] (2):
يا رب لا أرجو لهم سواكا * يا رب فامنع منهم حماكا فالتفت وهو يدعو فإذا هو بطير من نحو اليمن، فقال: والله إنها لطير غريبة، ما هي ببحرية [بنجدية] ولا تهامية... (3) (ألم تر) معناه: أنك رأيت آثار فعل الله بالحبشة الذين قصدوا تخريب الكعبة (بأصحاب الفيل) وكان ذلك العام الذي ولد فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

(1) المغمس: موضع من مكة.
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(3) روى قصة أصحاب الفيل بطولها ابن إسحاق في سيرته: ص 61 - 70.
(٨٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 838 839 840 841 843 844 845 846 847 848 849 ... » »»