تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٧٧٦
عراض فاخرة، وقيل: طنافس لها خمل رقيق (١)، جمع زريبة (مبثوثة) مبسوطة، أو: مفرقة في المجالس.
(أفلا ينظرون إلى الإبل) نظر اعتبار (كيف خلقت) خلقا عجيبا، فهي تنقاد لكل من اقتادها بأزمتها، وتبرك حتى تحمل أحمالها، ثم تنهض بها إلى البلاد الشاسعة، وليس ذلك في غيرها من ذوات الأربع، وصبرت على احتمال العطش حتى أن أظماءها (٢) ترتفع إلى العشر فصاعدا، إذ جعلت سفائن البر. (كيف رفعت) رفعا بعيد المدى بلا مساك وبغير عمد. (كيف نصبت) نصبا ثابتا فهي راسخة لا تزول. (كيف سطحت) سطحا فهي مهاد يتقلب عليها. وروي: أن عليا (عليه السلام) قرأ: " خلقت " و " رفعت " و " نصبت " و " سطحت " على البناء للفاعل وتاء الضمير (٣)، والتقدير في الجميع: فعلتها، فحذف المفعول. والمعنى: أفلا ينظرون إلى هذه المخلوقات الدالة على الصانع القادر العالم حتى لا ينكروا اقتداره على البعث والإعادة، ويؤمنوا برسوله، ويستعدوا للقائه؟
(فذكر) يعني: أنهم لم ينظروا فذكرهم ولا يهمنك أنهم لا ينظرون ولا يذكرون، و (إنما أنت مذكر) كقوله: ﴿إن عليك إلا البلغ﴾ (٤). (لست عليهم بمصيطر) أي: بمتسلط، كقوله: ﴿ومآ أنت عليهم بجبار﴾ (5) (إلا من تولى) استثناء منقطع، أي: لست بمستول عليهم، ولكن من تولى منهم فإن لله الولاية والقهر، فهو يعذبه (العذاب الأكبر) الذي هو عذاب جهنم، وقيل: هو استثناء

(١) قاله الفراء في معاني القرآن: ج ٣ ص ٢٥٨.
(٢) الظمء: ما بين الوردين، وهو حبس الإبل عن الماء إلى غاية الورد، والجمع: أظماء.
(الصحاح: مادة ظمأ).
(٣) حكاه عنه (عليه السلام) ابن خالويه في شواذ القرآن: ص ١٧٣.
(٤) الشورى: ٤٨.
(٥) ق: ٤٥.
(٧٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 770 771 773 774 775 776 777 779 780 781 782 ... » »»