لما نافقتا وخانتا الرسولين، لم يغن الرسولان (عنهما) بحق ما بينهما من وصلة الزوجية (شيئا) من عذاب الله (وقيل) لهما عند موتهما أو: يوم القيامة (ادخلا النار مع) سائر (الداخلين) الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء، ومثل حال المؤمنين في القيامة في أن وصلة الكافرين لا تضرهم، ولا تنقص شيئا من ثوابهم وزلفاهم عند الله بحال (امرأت فرعون) ومنزلتها عند الله مع كونها زوجة أعظم الكافرين، القائل: ﴿أنا ربكم الاعلى﴾ (1) (ومريم ابنت عمرن) وما أتيت من كرامة الدنيا والآخرة، والاصطفاء على نساء العالمين مع أن قومها كانوا كافرين.
وفي طي التمثيلين تعريض بزوجتي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المذكورتين في أول السورة، وما فرط منهما من التظاهر على رسول الله بما كرهه، وتحذير لهما على أغلظ وجه وأشده، لما في التمثيل من ذكر الكفر، وإشارة إلى أن من حقهما أن لا تتكلا على أنهما زوجا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن ذلك الفضل لا ينفعهما إلا مع كونهما مؤمنتين مخلصتين، والتعريض بحفصة أكثر لأن امرأة لوط أفشت عليه كما أفشت حفصة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
ففي قوله: (عبدين من عبادنا صلحين) إشارة إلى أن عبدا من العباد لا يرجح عنده إلا بالصلاح، وبه ينال الفوز لا غير (فخانتاهما) بالنفاق والتظاهر على الرسولين: فامرأة نوح قالت لقومه: إنه مجنون، وامرأة لوط دلت على ضيفانه، وعن الضحاك: خانتاهما بالنميمة إذا أوحى الله إليهما أفشتاه إلى المشركين (2)، ولا يجوز أن يراد بالخيانة الفجور لأنه نقيصة عند كل أحد، سمج في كل طبيعة، بخلاف الكفر لأن الكفار لا يستسمجونه، وعن ابن عباس: ما زنت