تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٠١
المفعولين جميعا، كقولك: علمت أيهما عمرو، و (أحسن عملا) أي: أخلص وأصوب، والخالص أن يكون لوجه الله، والصواب أن يكون على الوجه المأمور به.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه تلاها ثم قال: " أيكم أحسن عقلا، وأورع عن محارم الله، وأسرع في طاعة الله " (1) والمعنى: أيكم أتم عقلا عن الله وفهما لأغراضه.
والمراد: أنه أعطاكم الحياة التي تقدرون بها على العمل، وسلط عليكم الموت الذي هو داعيكم إلى اختيار العمل الحسن على القبيح، لأن وراء الموت البعث والجزاء. (وهو العزيز) الغالب الذي لا يعجزه من أساء العمل (الغفور) لمن يتفضل عليه من أهل الإساءة.
(طباقا) من: طابق النعل: إذا خصفها طبقا على طبق، أي: مطابقة بعضها فوق بعض، وهو وصف بالمصدر، أو: ذات طباق، أو: طوبقت طباقا (من تفوت) وقرئ: " من تفوت " (2) ومعناهما واحد، مثل: تظاهر وتظهر، وتعاهد وتعهد، يريد:
من اختلاف واعوجاج واضطراب في الخلقة، إنما هي مستقيمة ومستوية كلها، وحقيقة التفاوت عدم التناسب، كأن بعضه يفوت بعضا ولا يلائمه، ونقيضه:
متناصف، وأصله: ما ترى فيهن من تفاوت، فوضع الظاهر موضع المضمر تعظيما لخلقهن، وتنبيها على أن سبب سلامتهن من التفاوت أنهن خلق الرحمان.
والخطاب فيما ترى للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكل مخاطب (فارجع البصر) وأدرها في خلق الرحمان حتى يصح عندك ما أخبرت به بالمعاينة (هل ترى من فطور) من صدوع وشقوق، جمع " فطر " وهو الشق، وقرئ بإدغام اللام في التاء (3)

(1) أخرجه الطبري في تفسيره: ج 7 ص 7 باسناده عن ابن عمر.
(2) قرأه حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 644.
(3) قرأه أبو عمرو وحده. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 1 ص 233.
(٦٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 595 596 597 599 600 601 602 603 604 605 606 ... » »»