تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٥٩٤
وصف التوبة بالنصح على الإسناد المجازي، والنصح صفة التائبين وهو أن ينصحوا أنفسهم بالتوبة، فيتوبوا عن القبائح لقبحها، نادمين عليها، عازمين على أنهم لا يعودون في قبيح من القبائح إلى أن يعود اللبن في الضرع، موطنين أنفسهم على ذلك.
وعن علي (عليه السلام): إن التوبة يجمعها ستة أشياء على الماضي من الذنوب الندامة وللفرائض الإعادة، ورد المظالم، واستحلال الخصوم، وأن تعزم على أن لا تعود، وأن تذيب نفسك في طاعة الله كما ربيتها في معصية الله، وأن تذيقها مرارة الطاعات كما أذقتها حلاوة المعاصي (1).
وقيل: (نصوحا) من: نصاحة الثوب أي: توبة ترقع خروقك في دينك وترم خلك (2)، وقيل: توبة تنصح الناس أي: تدعوهم إلى مثلها لظهور أثرها في صاحبها، واستعماله الجد في العمل على مقتضياتها (3). وقرئ: " نصوحا " بالضم (4) وهو مصدر " نصح "، أي: ذات نصوح، أو: تنصح نصوحا، أو: توبوا لنصح أنفسكم على أنه مفعول له، والنصح والنصوح مثل: الشكر والشكور، والكفر والكفور (عسى ربكم) إطماع من الله لعباده، وفيه وجهان: أحدهما: أن يكون على عادة الملوك في الإجابة ب‍ " عسى " و " لعل " وإيقاع ذلك موقع القطع والبت، والثاني: أن يكون على تعليم عباده الترجح بين الخوف والرجاء. (يوم لا يخزى الله) نصب ب‍ (يدخلكم) وهو تعريض بمن أخزاهم الله من أهل الكفر والنفاق، واستحماد إلى المؤمنين على أنه عصمهم من مثل حالهم، أي: لا يذل النبي

(1) رواه عنه (عليه السلام) الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 569.
(2 و 3) حكاه الزمخشري في الكشاف.
(4) قرأه أبو بكر عن عاصم. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 724.
(٥٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 589 590 591 592 593 594 595 596 597 599 600 ... » »»