تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٥٩٠
منه وصفح عنه، أو: عن بعض ما جرى من الأمر فلم يخبرها به تكرما، قال سفيان:
ما زال التغافل من فعل الكرام (١). وقرئ: " عرف " بالتخفيف (٢)، أي: جازى عليه، من قولك للمسيء: لأعرفن لك ذلك، و: قد عرفت ما صنعت، ﴿أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم﴾ (3)، وكان جزاؤه تطليقه إياها (فلما نبأها) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما أظهره الله عليه (قالت) حفصة (من) أخبرك ب‍ (هذا)؟
(إن تتوبآ إلى الله) خطاب لعائشة وحفصة (4) على طريق الالتفات ليكون أبلغ في معاتبتهما (فقد صغت قلوبكما) فقد وجد منكما ما يوجب التوبة، وهو ميل قلوبكما عن الواجب في مخالصة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من حب ما يحبه وكراهة ما يكرهه.
وعن الصادق (عليه السلام): (إن تتوبآ إلى الله) مما هممتما من السم (فقد) زاغت (قلوبكما) (5).
وقرئ: (تظهرا) و (تظاهرا) بالتشديد (6) والتخفيف، والأصل: إن تتظاهرا، فخفف بالإدغام وبالحذف، أي: وإن تتعاونا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإيذاء وبما يسوء فلم يعدم هو (صلى الله عليه وآله وسلم) من يظاهره، وكيف يعدم المظاهر من الله (موله) أي: وليه والمتولي حفظه ونصرته، وزيادة (هو) تؤذن بأن نصرته

(١) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج ٤ ص ٥٦٥.
(٢) وهي قراءة الكسائي وحده. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص ٦٤٠.
(٣) النساء: ٦٣.
(4) لا اختلاف في أنهما عائشة وحفصة ابنتا أبي بكر وعمر، فانظر الروايات المسندة إلى عمر نفسه حين سأله ابن عباس عن المتظاهرتين على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في تفسير الطبري: ج 12 ص 153.
(5) تفسير علي بن إبراهيم القمي: ج 2 ص 393.
(6) قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 163.
(٥٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 584 585 587 588 589 590 591 592 593 594 595 ... » »»