تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٥٨
وإن شاء لم يقبل توبتهم وعذبهم، والظاهر يقتضي بما يقتضيه العقل من الحكم (ورد الله الذين كفروا) يعني: الأحزاب (بغيظهم) مغيظين، كقوله: ﴿تنبت بالدهن﴾ (1) (لم ينالوا خيرا) غير ظافرين. وهما حالان بتداخل أو تعاقب، ويجوز أن يكون الثانية بيانا للأولى أو استئنافا (وكفى الله المؤمنين القتال) بالريح والجنود.
وعن ابن مسعود أنه كان يقرأ: " وكفى الله المؤمنين القتال بعلي " (2).
(وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا (26) وأورثكم أرضهم وديرهم وأموا لهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شىء قديرا (27)) (من صياصيهم) من حصونهم، والصيصية: ما تحصن به، يقال لقرن الظبي والبقر: صيصية، ولشوكة الديك التي في ساقه، ولشوكة الحائك أيضا، قال:
كوقع الصياصي في النسيج الممدد (3) وقرئ: (الرعب) بضم العين (4) وسكونها.
وروي أن جبرائيل (عليه السلام) نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صبيحة الليلة التي انصرف عن الخندق إلى المدينة فقال: يا رسول الله، إن الملائكة لم تضع السلاح، إن الله يأمرك بالسير إلى بني قريظة وأنا عامد إليهم، فعزم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الناس أن لا يصلوا العصر إلا في بني قريظة، فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة

(١) المؤمنون: ٢٠.
(٢) انظر تفسير التبيان: ج ٨ ص ٣٣١.
(3) لدريد بن الصمة، وصدره: فجئت إليه والرماح تنوشه. والبيت من قصيدة حماسية طويلة يرثي بها أخاه عبد الله وقد قتلته بنو عبس. انظر ديوان دريد: ص 45.
(4) قرأه ابن عامر والكسائي. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 363.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»