تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٤٦٧
جثث طوال عظام كأنهم أصول نخل منقعر عن أماكنه ومغارسه، وقيل: شبهوا بذلك لأن الريح قطعت رؤوسهم فبقوا أجسادا بلا رؤوس (١). وذكر صفة (نخل) على اللفظ، ولو أنث حملا على المعنى لجاز، كما قال: ﴿أعجاز نخل خاوية﴾ (2).
(أبشرا منا) نصب بفعل يفسره (نتبعه)، أنكروا أن يتبعوا مثلهم في الجنسية، وقالوا: (منا) لتكون المماثلة أقوى، وقالوا: (وحدا) إنكارا لان تتبع الأمة رجلا واحدا ليس بأشرفهم (إنا إذا لفي ضلل) كأنه قال لهم: إن لم تتبعوني كنتم في ضلال عن الحق (وسعر) أي: ونيران، جمع سعير، فعكسوا عليه فقالوا:
إن اتبعناك كنا إذا كما تقول، وقيل: الضلال: الخطأ والبعد عن الصواب، والسعر:
الجنون (3). (أءلقي الذكر عليه من بيننا) أي: أأنزل عليه الوحي من بيننا وفينا من هو أحق منه بالاختيار للنبوة؟! (بل هو كذاب أشر) بطر متكبر، يريد أن يتعظم علينا بادعاء النبوة. (سيعلمون غدا) عند نزول العذاب بهم، أو: يوم القيامة (من الكذاب الأشر) أصالح أمن كذبه؟
(إنا مرسلوا الناقة) أي: باعثوها ومخرجوها من الهضبة كما سألوا (فتنة لهم) وامتحانا وابتلاء (فارتقبهم) فانتظرهم وتبصر ما هم صانعون (واصطبر) على ما يصيبك من أذاهم، ولا تعجل حتى يأتيك أمري. (ونبئهم أن المآء قسمة) مقسوم بينهم، لها شرب يوم ولهم شرب يوم، وقال: (بينهم) تغليبا للعقلاء (كل شرب محتضر) محضور يحضره أهله لا يحضره الآخر معه، وقيل:
يحضرون الماء في نوبتهم واللبن في نوبتها (4). (فنادوا صاحبهم) قدار بن سالف

(١) قاله مجاهد. راجع إعراب القرآن للنحاس: ج ٤ ص ٢٩٢.
(٢) الحاقة: ٧.
(٣) قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 5 ص 89.
(4) قاله مجاهد في تفسيره: ص 635.
(٤٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 473 ... » »»