تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٨١
(السكينة) السكون، أي: أنزل الله السكون (في قلوب المؤمنين) والطمأنينة بسبب الصلح والأمن، ليعرفوا فضل الله عليهم بتيسير الأمن بعد الخوف فيزدادوا يقينا إلى يقينهم بما يرون من الفتوح وعلو كلمة الإسلام وفق ما وعدوا (ولله جنود السموت والأرض وكان الله عليما حكيما) يسلط بعضها على بعض على ما يقتضيه علمه وحكمته. ومن قضيته أن سكن قلوب المؤمنين بصلح الحديبية، ووعدهم أن يفتح لهم مكة ليعرف المؤمنون نعمة الله في ذلك ويشكروها فيثيبهم. (ويعذب المنفقين) والكافرين.
ومعنى (ظن السوء): أن الله لا ينصر الرسول والمؤمنين ولا يرجعهم إلى مكة ظافرين فاتحين إياها، والسوء: عبارة عن رداءة الشيء وفساده، كما يقع الصدق عبارة عن جودة الشيء وصلاحه (عليهم دآئرة السوء) أي: ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين فهو دائر عليهم، حائق بهم، وهو الهلاك والدمار، وقرئ:
(دآئرة السوء) بفتح السين وضمها (1) وهما لغتان من " ساء " كالكره والكره، والضعف والضعف، إلا أن المفتوح غلب في أن يضاف إليه ما يراد ضمه من كل شيء، والمضموم جار مجرى الشر الذي هو نقيض الخير، يقال: أراد به السوء،:
وأراد به الخير، ولذلك أضيف " الظن " إلى المفتوح لكونه مذموما، وكانت " الدائرة " محمودة فكان حقها أن لا تضاف إليه إلا على التأويل الذي ذكرناه (وغضب الله عليهم ولعنهم) بأن أبعدهم من رحمته.
وكرر قوله: (ولله جنود السموت والأرض) لأن الأول اتصل بذكر المؤمنين، أي: فله الجنود التي يقدر على أن يعينهم بها، والثاني اتصل بذكر

(1) وبالضم قرأه ابن كثير وأبو عمرو. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 603.
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»