تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٠
(ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) لأصحابنا فيه وجهان (1) من التأويل: أحدهما: أن المراد: يغفر لك ما تقدم من ذنب أمتك وما تأخر بشفاعتك.
وحسنت إضافة ذنوب أمة إليه للاتصال بينه وبينهم، ويعضده ما رواه المفضل بن عمر عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن هذه الآية فقال: والله ما كان له ذنب ولكن الله سبحانه ضمن له أن يغفر ذنوب شيعة علي (عليه السلام) ما تقدم وما تأخر.
والآخر: ذكره المرتضى (2) قدس الله روحه: أن الذنب مصدر، والمصدر يجوز إضافته إلى الفاعل والمفعول، والمراد هنا: ما تقدم من ذنبهم إليك في إخراجهم إياك من مكة وما تأخر من صدك عن المسجد الحرام، أي: ليغفر ما أذنبه قومك إليك من إخراجك من مكة وصدك عنها، فالذنب مضاف إلى المفعول هنا، ويعدى بنفسه حملا على الإخراج والصد اللذين هو في معناهما، ولذلك جعل المغفرة علة للفتح وغرضا فيه. والمراد بالمغفرة على هذا إزالة أحكام المشركين وفتحها (3) عنه، وستر تلك الوصمة عليه بما يفتح له من مكة بأن يدخلها فيما بعد، ولو أراد مغفرة ذنوبه لم يكن لكون المغفرة غرضا في الفتح معنى (ويتم نعمته عليك) في الدنيا بإعلاء أمرك وإظهارك على الدين كله وبقاء شريعتك، وفي الآخرة برفع محلك (ويهديك صرطا مستقيما) ويرشدك طريقا يؤدي سالكه إلى الجنة ويثبتك عليها. (وينصرك الله نصرا عزيزا) تمتنع به من كل جبار عنيد، وصف النصر بالعزيز لأن فيه العزة والمنعة، أو: يعني عزيزا صاحبه، أو: وصفه بصفة المنصور إسنادا مجازيا.

(١) حكاهما الشيخ الطوسي في التبيان: ج ٩ ص ٣١٤.
(٢) في كتاب تنزيه الأنبياء: ص 118.
(3) في نسخة: " ونسخها ".
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»