يدفعوكم عن بلادهم بالراح، ويسألوكم القضية، ورغبوا إليكم في الأمان، وقدروا منكم ما كرهوا " (1). وعن الزهري: لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية، وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام في قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير كثر بهم سواد الإسلام (2).
والحديبية بئر نفد ماؤها حتى لم يبق فيها قطرة، فأتاها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم تمضمض ومجه فيها، فدرت بالماء حتى أصدرت جميع من معه وركابهم (3).
وعن سالم بن أبي الجعد قال: قلت لجابر: كم كنتم يوم الشجرة؟ قال: كنا ألفا وخمسمائة، وذكر عطشا أصابهم ثم قال: فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بماء في تور فوضع يده فيه فجعل الماء يخرج من بين أصابعه كأنه العيون، قال: فشربنا وسقانا وكفانا، ولو كنا مائة ألف كفانا (4).
وقيل: المراد بالفتح هنا فتح خيبر (5)، وذكر مجمع بن حارثة الأنصاري - وهو أحد القراء - في حديثه: لما انصرفنا من الحديبية أوحي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فوجدناه واقفا عند كراع الغنم وقرأ (إنا فتحنا) السورة، فقال عمر: أو فتح هو؟!
قال: " نعم والذي نفسي بيده إنه لفتح " فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل فيها أحد إلا من شهدها (6).