في بعضها، واقتصر منه على القليل وهو ربع العشر، وقيل: لا يسألكم الرسول على أداء الرسالة أموالكم أن تدفعوها إليه (إن يسألكموها فيحفكم) أي: فيجهدكم بمسألة جميعها (1)، والإخفاء: المبالغة وبلوغ الغاية في كل شيء، يقال: أحفاه في المسألة إذا لم يترك شيئا من الإلحاح، ومنه: إحفاء الشارب وهو استئصال شعره (تبخلوا ويخرج أضغنكم) أي: تضطغنون على رسول الله وتضيق صدوركم لذلك، والضمير في (يخرج) لله عز وجل، أي: يضغنكم بطلب أموالكم، أو: للبخل لأنه سبب الاضطغان.
(هؤلاء) موصول صلته (تدعون)، أي: ها أنتم الذين تدعون، أو: أنتم يا مخاطبون هؤلاء الموصوفون، ثم استأنف وصفهم، كأنهم قالوا: وما وصفنا؟ فقال:
(تدعون لتنفقوا في سبيل الله) كأنه قيل: الدليل على أنه لو أحفاكم لبخلتم وكرهتم العطاء واضطغنتم أنكم تدعون إلى أداء ربع العشر، فمنكم ناس يبخلون به، ثم قال: (ومن يبخل) بالصدقة وأداء الفريضة فلا يتعداه ضرر بخله، وإنما (يبخل عن نفسه) إذ يلزمها العقاب الأليم ويحرمها الثواب العظيم، يقال: بخلت عليه وعنه، وضننت عليه وعنه. وفي الآية إشارة إلى أن معطي المال أحوج إليه من الفقير الآخذ، فبخله به بخل على نفسه. (والله الغنى) عما عندكم من الأموال (وأنتم الفقراء) إلى ما عند الله من الرحمة والثواب (وإن تتولوا) معطوف على (وإن تؤمنوا وتتقوا)، (يستبدل قوما غيركم) على خلاف صفتكم، راغبين في الإيمان والتقوى، غير متولين عنهما (ثم لا يكونوا أمثلكم) بل خيرا منكم وأطوع لله.