أحدها - ما تقدم من معاصيك قبل النبوة وما تأخر عنها.
الثاني - ما تقدم قبل الفتح وما تأخر عنه.
الثالث - ما قد وقع منك وما لم يقع على طريق الوعد بأنه يغفره له إذا كان.
الرابع - ما تقدم من ذنب أبيك آدم، وما تأخر عنه.
وهذه الوجوه كلها لا تجوز عندنا، لان الأنبياء عليهم السلام لا يجوز عليهم فعل شئ من القبيح لا قبل النبوة ولا بعدها، لا صغيرها ولا كبيرها فلا يمكن حمل الآية على شئ مما قالوه، ولا صرفها إلى آدم لان الكلام فيه كالكلام في نبينا محمد صلى الله عليه وآله ومن حمل الآية على الصغائر التي تقع محبطة فقوله فاسد، لأنا قد بينا أن شيئا من القبائح لا يجوز عليهم بحال. على أن الصغائر تقع مكفرة محبطة لا يثبت عقابها، فكيف يمتن الله تعالى على النبي صلى الله عليه وآله أنه يغفرها له وهو تعالى لو آخذه بها لكان ظالما وإنما يصح التمدح بما له المؤاخذة أو العفو عنه، فإذا غفر استحق بذلك الشكر. وللآية وجهان من التأويل:
أحدهما - ليغفر لك ما تقدم من ذنب أمتك. ما تأخر بشفاعتك ولمكانك.
وأضاف الذنب إلى النبي وأراد به أمته، كما قال (واسأل القرية) (1) يريد أهل القرية فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه وذلك جائز لقيام الدلالة عليه، كما قال (وجاء ربك) (2) والمراد وجاء أمر ربك.
الثاني - أراد يغفر ما أذنبه قومك إليك من صدهم لك عن الدخول إلى مكة في سنة الحديبية، فأزال الله ذلك وستر عليك تلك الوصمة بما فتح عليك من مكة ودخلتها في ما بعد، ولذلك جعله جزاء على جهاده في الدخول إلى مكة.
والذنب مصدر تارة يضاف إلى الفاعل وتارة إلى المفعول، فيكون - ههنا - مضافا