تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٩
القليل والكثير؛ لأنه مصدر سمي به ما ينبت. واللام في (لئن) هي الموطئة للقسم، و (لظلوا) جواب القسم سد مسد الجوابين (مصفرا) بعد الخضرة والنضرة. ذمهم الله سبحانه بأنه إذا حبس عنهم القطر قنطوا وأبلسوا، فإذا رزقوا المطر استبشروا وابتهجوا، فإذا أرسل ريحا فضربت زروعهم بالصفار كفروا بنعمة الله، وقيل: معناه: فرأوا السحاب مصفرا لأنه إذا كان كذلك لم يمطر (١).
(الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشآء وهو العليم القدير (٥٤) ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذا لك كانوا يؤفكون (٥٥) وقال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون (٥٦) فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون (٥٧) ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون (٥٨) كذا لك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون (٥٩) فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون (٦٠)) (من ضعف) قرئ بفتح الضاد وضمها (٢)، يعني: أن بنيتكم مجبولة على الضعف ﴿وخلق الإنسان ضعيفا﴾ (3) أي: ابتدأناكم في أول الأمر ضعافا وذلك حال الطفولية حتى بلغتم وقت الشبيبة والفتار (4) تلك حال القوة إلى وقت الاكتهال، ثم ردكم إلى الضعف وهو حال الشيخوخة والهرم، وفي ذلك أوضح دلالة على الصانع العليم القدير.

(١) حكاه علي بن عيسى كما في تفسير الماوردي: ج ٤ ص ٣٢١.
(٢) وبالضم قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص ٥٠٨.
(٣) النساء: ٢٨.
(4) الفتار: ابتداء النشوة، (لسان العرب: مادة فتر).
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»