تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٠
بالقرآن والتوحيد، ثم هدد من هذه صفته بأن في جهنم مثواه، والاستفهام للتقرير.
(والذي جآء بالصدق) وصدق به هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء بالحق وامن به وأراد به إياه ومن تبعه، كما أراد بموسى إياه ومن تبعه في قوله: ﴿ولقد ءاتينا موسى الكتب لعلهم يهتدون﴾ (1) ولذلك قال: (أولئك هم المتقون)، إلا أن هذا في الصفة وذاك في الاسم ويجوز أن يريد الفريق الذي جاء بالصدق وصدق به، وهم الرسول والذين صدقوا به من المؤمنين.
و (أسوأ الذي عملوا) هو الشرك والمعاصي التي عملوها قبل إيمانهم، و (أحسن الذي كانوا يعملون) هو المفروض والمندوب إليه من أعمالهم، فإن المباح يوصف بالحسن أيضا.
(أليس الله بكاف عبده) وهو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وقرئ: " عباده " (2) وهم الأنبياء. وقرئ: (كشفت ضره) و (ممسكت رحمته) بالتنوين (3) على الأصل، وبالإضافة على التخفيف، وأنثهن بعد التذكير في قوله: (ويخوفونك بالذين من دونه) ليضعفهن ويعجزهن، زيادة تضعيف وتعجيز عم طالبهم به من كشف الضر وإمساك الرحمة، لأن الأنوثة من باب اللين والرخاوة، كما أن الذكورة من باب الشدة والصلابة، فكأنه قال: الإناث اللاتي هن اللات والعزى ومناة أضعف مما تدعونه لهن وأعجز.
(اعملوا على مكانتكم) على حالتكم التي أنتم عليها وجهتكم من العداوة التي تمكنتم منها، والمكانة بمعنى المكان، فاستعيرت عن العين للمعنى كما

(١) المؤمنون: ٤٩.
(2) قرأه حمزة والكسائي. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 648.
(3) قرأه أبو عمرو وعاصم برواية أبي بكر عنه. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 562.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»