تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٢١٨
الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون (29) إنك ميت وإنهم ميتون (30) ثم إنكم يوم القيمة عند ربكم تختصمون (31)) (قرءانا عربيا) حال مؤكدة كما يقال: جاءني زيد رجلا صالحا، أو ينتصب على المدح (غير ذي عوج) أي: مستقيما بريئا من التناقض والاختلاف، والعوج مخصوص بالمعاني دون الأعيان أي: رجلا مملوكا قد اشترك فيه شركاء بينهم اختلاف وتنازع، كل واحد منهم يدعي أنه عبده فيتعاورونه في خدمتهم (ورجلا) آخر قد سلم لمالك واحد وخلص له، فهو معتمد عليه فيما يصلحه، فهمه واحد: أي هذين العبدين أحسن حالا وأصلح أمرا. والمراد بذلك تمثيل حال من يثبت آلهة شتى، وما يلزمه على قضية مذهبه من أن يدعي كل واحد منهم عبوديته ويتشاكسوا في ذلك ويتغالبوا، ويبقى هو متحيرا ضائعا لا يدري أيهم يعبد وعلى أيهم يعتمد، وحال من لم يثبت إلا إلها واحدا فهو قائم بما كلفه، عارف بما أرضاه وأسخطه، و (فيه) تعلق ب‍ (شركآء)، كأنه قال: اشتركوا فيه، والتشاكس والتشاخس: الاختلاف، يقال:
تشاكست أحواله وتشاخست أسنانه، والسالم: الخالص، وقرئ: (سلما) و " سلما " (1) وهما مصدران، يقال: سلم سلما وسلما وسلامة، والمعنى: ذا سلامة لرجل، أي: ذا خلوص له من الشركة من قولهم: سلمت له الضيعة.
(هل يستويان مثلا) أي: صفة منصوب على التمييز، والمعنى: هل يستوي صفتاهما وحالاهما (الحمد لله) أي: يجب أن يكون الحمد موجها إلى الله الذي لا شريك له وحده دون كل معبود سواه (بل أكثرهم لا يعلمون) فيشركون به غيره.

(1) وهي قراءة ابن كثير والبصريان (أبي عمرو ويعقوب) راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 647.
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»